كن مدرب مختلف
غالبًا ما يُقال إن "المعلم المتوسط يقول، والمعلم الجيد يشرح، والمعلم المتفوق يوضح، والمعلم العظيم يلهم". تقريبًا أي شخص تساءل عن كيفية أن يكون مدربًا مختلفًا، قد تساءل أيضًا عن كيفية إلهام المتدربين لأداء أفضل ما لديهم. وعندما يتعلق الأمر بتقديم برنامج تدريبي فعال، فإن صفات المدرب المختلف والاستثنائي يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا فى مجال التدريب.
يعتقد الكثير من الناس أن التدريب سهل، وذلك يتحقق بالإلمام بموضوع الدورة والقدرة على التواصل بشكل جيد، بينما أنت في حاجة ماسة إلى هاتين الصفتين، إلا أنهما لا تكفيان لتكون مدربًا ناجحًا.
إذن، ما هي صفات ومهارات المدرب الأخرى التي تحتاجها لتصبح مدربًا جيدًا؟
هل تتساءل كيف تصبح مدربًا جيدًا وما إذا كان لديك ما يلزم؟ حسنًا، الخبر السار هو أن المدربين الملهمين والنجوم صُنعوا ولم يولدوا.
وبالتالي، ما الذي يجعل المدرب مختلفًا واستثنائيًا؟
يمارس المدربون الفعالون باستمرار الصفات التي تعمل على تحسين فهمهم لاحتياجات المتدرب والحاجات التنظيمية لدورتهم التدريبية، بل و يطورونها. إنهم يدركون أنه كلما مارسوا هذه الصفات، كلما كانوا مجهزين بشكل أفضل لتقديم التدريب بدقة وتشجيع المشاركة، وخلق جو تعليمي نشط، ودمج اتجاهات التعلم الحالية- والقائمة تطول وتطول.
دعونا نلقي نظرة فاحصة على ما يتطلبه الأمر لتصبح مدربًا استثنائيًا ناجحًا:
الصفات الأساسية للمدرب الناجح
-
كن مستمعًا جيدًا (وصبورًا)
هناك بعض الصفات التي يتسم بها المدرب الجيد والناجح غير قابلة للتفاوض على الإطلاق. وتأتي القدرة على الاستماع وطرح الأسئلة الصحيحة وفهم احتياجات المتدرب على رأس هذه القائمة.
فما فائدة تحليل احتياجات المتدربين، دون اللجوء إلى عملية الاستماع بعناية إلى الجمهور المستهدف وتسجيل ما يحتاجون إليه بشدة في دورتك التدريبية؟ فالمدرب الموهوب قادر على الاستماع عن كثب إلى ما يعتقد متدربينه أنهم بحاجة إليه، بحيث يمكنهم رؤية ما يحتاجونه بالفعل بوضوح.
على سبيل المثال، إذا كنت مدربًا متخصصًا في مجال المبيعات، قد تبلغك مجموعة من شركاء المبيعات أنهم بحاجة إلى تدريب على المنتج حتى يتمكنوا من إتمام المزيد من الصفقات شهريًا. وبالتالي، عليك كمدرب فاهم وجيد أن تتصرف بالشكل الآتي، ألا وهو أن تُقر وتقرر أن موظفي المبيعات لديهم بالفعل خلفية ومعرفة كافية بالمنتج بالفعل، لكنهم يحتاجون حقًا إلى تدريب على مهارات التفاوض لكسب العملاء بسرعة أكبر.
-
النهج الاستراتيجي في التدريب
يعرف المدرب الاستراتيجي جيدًا أن التدريب لا يكون فعالاً، إلا إذا كان ضمن ميزانية جيدة ويقدم عائدًا مرغوبًا على الاستثمار (ROI). هو النسبة بين صافي الربح وتكلفة الاستثمار الناتجة عن استثمار بعض الموارد، وارتفاع عائد الاستثمار يعني مكاسب الاستثمار بشكل إيجابي على تكلفتها. حسنًا، لسوء الحظ، من السهل نسيان هذه العوامل بمجرد أن تبدأ مهام التدريب المعقدة في التراكم.
إن واحدة من أهم صفات المدرب الناجح هي قدرته على مراقبة الهدف والتعامل مع المشاكل القيود دون المساومة أو المساس بجودة التدريب. ويتحقق ذلك، على أفضل وجه، من خلال الشراكة مع الأدوار المختلفة داخل المنظمة، مثل مديري الأقسام والعمليات والموارد البشرية، أو بين فريق عملك.
لن يبدأ أي مدرب استراتيجي استثنائي مشروع تدريب دون فهم التكاليف وعائد الاستثمار المطلوب والمعايير المتضمنة أولًا، وذلك من بداية تكلفة الحقيبة التدريبية، والقاعة التدريبية، وكل ما يخص نجاح دورتك التدريبية. تعمل هذه المعرفة والخلفية على تسليحه لتقديم تدريب هو الأكثر فاعلية، مع الدعم الكامل من أصحاب المصلحة الرئيسيين.
-
تشجيع المشاركة
إن تحويل التدريب إلى عرض ذي اتجاهين (بدلًا من عرض لشخص واحد) هو جوهر ما يجعل المدرب مختلفًا ومتميزًا. نعم، أن تكون مسليًا وذي شخصية مشوقة هو صفة رائعة في أي مدرب. لكن جعل المتدربين يستوعبون المهارات الجديدة والاحتفاظ بها يتجاوز الترفيه والتسلية.
ولكي تحدث عملية تنمية المهارات حقًا، يحتاج المتدربون إلى فرص لمشاركة أفكارهم والإجابة على الأسئلة وممارسة ما تعلموه. إن أسلوب المحاضرة التقليدي "من أعلى إلى أسفل" ببساطة ليس فعالًا لتحقيق التعلم الهادف، حتى لو كان المدرب أو المحاضر نفسه مذهلًا.
يشجع المدربون المتميزون المتدربين على طرح الأسئلة والمشاركة في الأنشطة وأن يكونوا نشطين في تعلمهم، بدلًا من استهلاك وقت المحاضرة التدريبية بشكلٍ سلبي.
-
كن منظمًا
يتسم بعض المدربين بنوع من الإلهام الرائع والمتميز في يوم، ويصبح باهتًا في اليوم التالي. وهذا عادةً بسبب نقص التنظيم الفعال. أتريد أن تكون دائمًا رائعًا؟ خذ وقتك في تخطيط موادك التدريبية، أي حقيبتك التدريبية- مساعدك الأول- وتسليمها بعناية.
تساعدك المادة العلمية وموارد التدريب جيدة التنظيم على الاستمرار في التركيز على موضوع الدورة المطروح بدلًا من القفز. وهذا يمنع سير الجلسات التدريبية الميسرة من التباطؤ، وكذلك فقدان انتباه المتدربين.
لا ينبغي الاستهانة بدور المدرب كمدير لمشروع التدريب. يُعد إبقاء أصحاب المركز أو المصلحة التدريبية على اطلاع دائم بتقدم مشروع التدريب أمرًا مهمًا للبقاء استراتيجيًا ولتقديم تدريب فعال وناجح.
-
تقدير التصميم التعليمي الجيد
تُعد القدرة على تصميم دورات جيدة التنظيم وبناء محتوى مناسب لغرض إحدى الصفات التي يتم التغاضي عنها كثيرًا للمدرب الجيد. بدلاً من ذلك، غالبًا ما يُخطئ فهم التواجد الشخصي للمدرب وتسليمه على أنه العامل المحدد لفعاليته.
وبصدق، يُبذل الكثير من العمل في التخطيط لبرامج التدريب التي تُلبي جميع أهداف تدريبك وتخلق تجارب تعليمية سلسة. لكن هذه القدرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في نتائج المتدربين وتحسين السلوك على المدى الطويل.
يتمتع المدرب المتميز بالدهاء اللازم لتصميم الدورات التدريبية التي تناسب طريقة التسليم (على سبيل المثال، وجهًا لوجه، أو مختلط، أو عبر الإنترنت بالكامل) ، وإنشاء مجموعة متنوعة من المواد التعليمية والوسائل التدريبية التي تُشرك وتُحفز جميع المتدربين.
-
اجعل إصبعك على نبض اتجاهات التعلم
وهناك جانب آخر من معرفة التصميم التعليمي التي ترفع مستوى المدرب من مستوى "جيد" إلى " استثنائي"، هو الوعي بأحدث اتجاهات التدريب. يواكب المدربون الفعالون الأبحاث الحالية في تعليم الكبار والتدريب الرقمي ويبحثون عن الفرص لدمج الاتجاهات المثبتة والحديثة في تدريبهم.
وهل هذا يعني أن معرفة الفرق بين التدريب المصغر والتلاعب بالألعاب التدريبية هو كل شيء ونهاية كل شيء لكيفية أن تكون مدربًا مختلفًا؟ ليس تمامًا.
بينما يحتاج المدربون الاستثنائيون إلى معرفة الاتجاهات التدريبية التي تكتسب قوة جذب المتدربين، والأهم من ذلك بكثير أن يكون لديهم القدرة على أن يكونوا نقديين بشأن الاتجاهات التدريبية التي يختارون دمجها في محاضراتهم التدريبية.
على سبيل المثال، إذا رأيت أن محاضرات الويب تتجه باعتبارها تنسيق محتوى يعزز التعاون عبر مسافات طويلة عن بعد، فهل من الذكاء دمج ندوة عبر الإنترنت في دورة تدريبية وجهًا لوجه مدتها أسبوع واحد؟ إن دمج الاتجاهات لمجرد أنها عصرية هو منحدر زلق، ويقوض بسهولة فعالية التدريب.
-
قم بالتحليل والتحسين مرارًا وتكرارًا
يُعد تحسين الذات من أكثر الصفات تأثيرًا في المدرب المختلف، لأن المدربين العظماء لا يركزون فقط على تطوير المتدربين، ولكن أيضًا على تطوير أنفسهم. فيمكنك تحسين أدائك من خلال الاستفادة من استطلاعات المتدربين وغيرها من أشكال التعليقات. ولا تخجل من التعليقات البناءة، ولكن اغتنمها كفرصة لإعادة اختبار أساليبك والقيام بعمل أفضل في دورة قادمة.
كما أن المدربين الجيدين لا يقومون فقط بتحسين أنفسهم؛ إنهم يقيمون مناهجهم التدريبية بانتظام أيضًا. يتم التخلص التدريجي من المواد القديمة أو غير الملائمة لصالح محتوى أكثر جاذبية، ومواءمته مع ملاحظات المتدرب حول الدورة التدريبية.
-
جائزة التعلم مدى الحياة
إذا كنت تتساءل كيف تصبح مدربًا مؤثرًا؟ فيجب أن تعلم أنه، للأسف، لا توجد طرق مختصرة. لا تتوقع أنه يمكنك أن تأخذ دورة واحدة مرة واحدة، وبعد بلاشك تكون هكذا قد وصلت إلى هدفك. يسأل أفضل المدربين أنفسهم باستمرار: "ما الذي يصنع مدربًا جيدًا؟" لأنه من الذي قد يقدم تدريبًا ناجحًا أفضل من الشخص الذي يُعلم نفسه باستمرار؟ وهذا هو السبب في أن التعلم مدى الحياة هو أحد الخصائص المهمة للمدرب الناجح.
فالمدربون، الذين يتابعون تعليمهم وتطوير أنفسهم بانتظام، هم أكثر اتصالًا بصراعات المتدربين وانتصاراتهم يوميًا. وهذا يجعلهم أكثر فاعليةً في اختيار أنواع المحتوى وموضوعات الدورات وميزات لراحة المتدربين، مثل، التعلم المتنقل عند التخطيط لدورة تدريبية.
إن المتعلمين مدى الحياة هم أيضًا مصدر إلهام بطبيعتهم. لذا يكون شغفهم وعطشهم للتعلم معديًا، ويمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا عندما يكون الموضوع الذي يحتاجون إلى تدريسه جافًا أو غامضًا.
وأخيرًا، عليكم التسليم بأن صفات المدرب الجيد يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في نجاح البرنامج التدريبي وإشراك المتدربين. فالمدربون الذين يستثمرون وقتهم في تطوير هذه الصفات، ويضعونها موضع التنفيذ أيضًا، ملزمون برؤية تقييمات دوراتهم ونتائج المتدربين تتحسن. ويمكن للبرنامج التدريبي المناسب أن يأخذهم إلى أبعد من ذلك، من خلال الميزات المبتكرة التي تفتح عالمًا من خيارات التصميم التعليمي والمحتوى وتسليمه فى الحقيبة التدريبية.
لذا، هل تريد الارتقاء بمستوى تدريبك؟ لمَ لا تبدأ من اليوم؟